أخر الاخبار

الشيخ محمد متولي الشعراوي | صاحب أول تفسير شفوي للقرآن الكريم|

 

الشيخ  محمد  متولي  الشعراوي 

إمام الدعاة  



تجمع حوله المصريون لسماع أحاديثه عقب كل صلاة يوم جمعة قبل آذان المغرب في شهر رمضان المبارك ، ليكون علامة من علامات الشهر الكريم .
فيستمع الى احاديثه وتفسيره المبسط لآيات القرآن  حتى وصل الى مكانة من التقدير والتبجيل والأحترام تقترب من التقديس  لدى العرب والمصريين على وجه الخصوص .... إنه إمام الدعاة وواحد من أهم  مفسرين القرآن الكريم في العصر الحديث ؛ عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة مما يساعده للوصول الى شريحة واسعة من الناس في جميع أنحاء العالم العربي. 

ولد محمد متولي الشعراوي في الخامس عشر من أبريل من عام 1911 بمحافظة الدقهلية في مصر . 
حفظ القرآن الكريم وهو أبن أحد عشر عاماً وأظهر نبوغاً منذ نعومة أظافره ، في حفظه للشعر والأقوال والحكم 
دخل المعهد الثانوي الأزهري الشريف وزاد اهتمامه بالشعر والأدب وقد مكنه هذا بنيل مكانة خاصة لدى زملائه ، فختاروه رئيساً لإتحاد الطلبة ورئيس لجمعية الإدباء في الزقازيق .
كانت نقطة التحول عند الشيخ متولي الشعراوي عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة ، وكان الشيخ الشعراوي يريد أن يبقى مع أخوته في زراعة الأراضي وكان إصرار الوالد على الحاقه بلأزهر الشريف ودفع المصروفات وقد قام بتجهيز مكان السكن ويقول الشيخ متولي الشعراوي عن هذه الموقف 《 عندما رأيت أن والدي عازم عليَّ أن أدرس في الأزهر الشريف لم استطع أن أقول له لا ...لكن حاولت أن أحتال عليه ذهبت الى المكتبة وقلت لصاحبها غداً سيأتي أبي معي فتعطينا من هذه الكتب وهذه وهذه في الطب والشعر والدين والفلسفة قلت في نفسي لعل أبي إذا رأى هذا الكم من الكتب لم يجد معه المال الكافي فيلغي فكرة دراستي في الأزهر ....في اليوم التالي جاء والدي من القرية وذهبنا الى المكتبة وبدأت أقول لصاحب المكتبة أعطني من هذه الكتب وهذه وأبي يقول أحقاً ستدرس كل هذه الكتب في السنة الأولى أنها كثيرة ...قلت يا أبي نعم كلها ويوجد المزيد أيضاً ...فقال لي : اخترها كلها ، بعد أن دفع والدي حساب الكتب ذهب وأتي برجل عربجي معه عربية من اجل نقل الكتب الى مكان سكني وقلي يابني هذه الكتب جديدة ومينفعش تبقى كدى أنا رح أنزل أجبلك ورق وجلدها لك قلتلو :روح ،  بقي يجلد في الكتب حتى الفجر فصلينا الفجر وقلي خلاص انا عايز أروح وانت تفضى ..وهو سيعود الى القرية بالقطر ... ونحن في المحطة أبوي ركب القطر وانا واقف على الرصيف قلي تعال يا محمد عايز قلك حكاية بس متزعلش  : قلت له أمي حصل لها حاجة أخوتي حصل لهم حاجة ...قال:  لا لا  .
بس أنا عايز أقلك لما  أروح من هنا وتفتكر اشتريت الكتب وأنو أبوك مغفل ...فأنا بقلك أنو الكتب دي ليست مقررة وكلها لمن هم في السنة الثالثة.
أنا قلبي نزل بين رجلي  
أنما يا بني الله ينفعك بالي فيه ...
صفر القطار ومشي ......    》 

يقول الشيخ الشعراوي عن هذا الموقف  : فكان هذا الموقف سبب في تغير حياتي جذرياً .



التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية ونشغل بالحركة الأزهرية ضد احتلال الإنجليز لمصر ، فكان يتوجه مع زملائه الى باحات الأزهر ويلقي الخطب مما عرضه للإعتقال لأكثر من مرة ، وقد كان وقتها رئيساً لإتحاد الطلبة . 

تخرج الشيخ محمد متولي الشعراوي في عام 1940 وقد تم تعينه في المعهد الديني " بطنطة " ثم انتقل بعدها الى المعهد الديني  في "الزقازيق " ثم الى المعهد الديني في " الإسكندرية " . 

وبعد هذه الخبرة الطويلة التي تجاوزت العشر سنوات انتقل الى المملكة العربية السعودية للعمل أستاذ للشريعة  في جامعة " أم القرى " عام 1950 . 

موقفه من نقل مقام إبراهيم عليه السلام .


وفي عام 1954 كان هناك حادثة نقل مقام إبراهيم عليه السلام والرجوع به الى الوراء من أجل إفساح المجال أمام الحجيج اللذين يطوفون حول الكعبة 
وقد كان المقام بعيق حركة الطواف ؛ وقد تم تحديد يوم من أجل نقل المقام بأمر من الملك سعود وسمع الشيخ الشعراوي عن ذلك وقد اعتبر هذا الأمر مخالف للشريعة فبدأ بالتحرك واتصل بالعديد من العلماء والمشايخ السعودين والمصريين في البعثة ، لكنهم أخبروه أنه تم أنشاء المكان الجديد ولا رجعة عن الامر ، 
لم يتوقف الشيخ عند هذا الحد فقد أرسل برقية من خمسة صفحات الى الملك سعود عرض فيها مسألة نقل المقام من الناحية الفقهية والدينية والتاريخية وقد احتج الشيخ الشعراوي بحجته أن الذين احتجوا بفعل الرسول ﷺ  جانبهم الصواب ، وأن الرسول ﷺ مشرع له ماليس مشرع لغيره فهو ليس كباقي البشر فهو رسول الله ﷺ وله أن يعمل الجديد غير المسبوق ، واستدل أيضاً بموقف عمر بن الخطاب الذي لم يغير موقع المقام بعد تعرضه لسيول شديدة غيرت مكانه ..فأعاده عمر بن الخطاب الى مكانه زمن الرسول ﷺ.
وعند وصول البرقية الى الملك سعود أمر على الفور من مجموعة من العلماء والشيوخ دراسة البرقية فوفقوا على كل ما جائت به البرقية فأصد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أوامرت بعدم نقل مقام إبراهيم عليه السلام و عدم تحريكه من مقامه ؛ كما درس الملك سعود مقترحات الشعراوي من اجل توسعة المقام "حيث اقترح الشيخ الشعراوي أن يوضع المقام في غرفة صغيرة من الزجاج غير قابل للكسر بدل من البناء الكبير الذي كان يحتوي المقام ويضيق على المصلين. 

مقام ابراهيم قبل 


مقام ابراهيم بعد 



في عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك سعود وعلى إثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة الى المملكة السعودية ؛ وعُين فيالقاهرة مدير لمكتب شيخ  الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون ثم سافر بعد ذلك الى الجزائر رئيس لبعثة هناك وقد أقام في الجزائر مايقارب سبع سنوات  قضاها في التدريس . 

الشيخ الشعرواي ونكسة عام 1967. 
عندما كان الشبخ الشعراوي متواجد في الجزائر رئيس البعثة هناك حدثة نكسة حزيران المعروفة بأسم نكسة 67 ، وقد قام الشيخ الشعراوي بتوجيه شكر الى أقوى الهزائم العسكرية في تاريخ مصر الحديث لخصها بقوله 《 إن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية 》 فلم يفتتن المصريون في دينهم بمثلها .

مناصبه التي حصل عليها . 

بعد عودة الشيخ الشعراوي من الجزائر الى مصر  عين مدير أوقاف محافظة الغربية  فترة من الزمن ثم وكيل للدعوة والفكر ثم وكيلاً للأزهر الشريف ثم عاد ثانيةً الى السعودية حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز وفي عام 1976 أسند الى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر ، كما عُرض على الشيخ متولي الشعراوي مشيخة الأزهر والعديد من الأختصاصات الدينية في مصر وخارجها  لكنه رفض جميع العروض وقرر التفرغ من أجل نشر الدعوة الإسلامية .

يعتبر الشيخ الشعراوي أول من أصدر قرار وزاري بأنشأ بنك إسلامي في مصر وهي بنك فيصل ..وبعتبر هذا من ليس من أختصاصه بل إختصاص وزير الأقتصاد . 

أستقالة الشعراوي من الأزهر .
قدم الشيخ محمد متولي الشعراوي إستقالته من الأزهر الشريف وذلك احتاجاً على شتم الرئيس "  أنور السادات " للشيخ المحلاوي 
لم يحتمل الشيخ متولي الشعراوي وقام بإرسال برقية الى الرئيس السادات جاء فيها 《 إن الأزهر الشريف لا يخرج كلاباً ؛ بل يخرج شيوخ أفاضل وعلماء أجلاء 》 

بدأء الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسير القرآن الكريم على شاشات التلفار قبل عام 1980 وسارع إليه الموت ليمنعه من تفسير القرآن كاملاً على شاشات التلفاز . 

فذاع صيته في العالم على أنه داعية ديني يدخل لخواطره في تفسير القرآن الكريم بطريقة سهلة ومبسطة يفهمها الإنسان البسيط غير المتعلم .
فقد أبدع في تفسير القرآن الكريم وقد قال الكثير فيه أثناء التفسير :(أنه آية من آيات الله ) وإذا تحدث فكان كلامه كحبات لؤلؤ انفرطت فهي متتابعة في سهولة ويسر . 

أما عنه فقد قال موضح منهجه تفسير القرآن الكريم : خواطري حول  القرآن الكريم لا تعني تفسير للقرآن وإنما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمنٍ في آيو أو بضع آيات ولو أن القرآن الكريم له تفسير لكان النبي محمد ﷺ هو أول من فسره لإنه عليه نزل وبه علم وأجاب وأستجاب ، فالنبي ﷺ اكتفى أن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم وهي *إفعل _ ولا تفعل * 

تزوج الشيخ محمد متولي الشعراوي وهو في الرحلة الثانوية حسب رغبة والده الذي أصر على تزويجه مبكراً وهو من اختار له زوجته ووافق الشيخ على اخيار والده 
لينجب ثلاثة أولاد وبنتين . 

وفاته .



توفي الشيخ محمد متولي الشعراوي فجر يوم السابع عشر من شهر يونيو /تموز من عام 1998 عن عمر 87 عاماً .
بعد رحلة طويلة مع المرض الذي ألم به في آخر حياته ، رحل الشيخ محمد متولي الشعراوي لتفقد الأمة العربية والإسلامية علم أخر من أعلامها البارزين ، وقد نال خلال مشواره العديد من الجوائز والأوسمة حيث حثل على : 
وسام الجمهورية من الطبقة الأولى
وسام في يوم الدعاة 
دكتوراة فخرية في الآداب من جامعتي المنصورة الملوفية 
عضو الهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وذلك في السعودية . 

وتخليداً لذكرة هذا الرجل الكبير والمفسر الجليل تم عرض قصة حياته في مسلسل تلفزيوني عام 2003 من بطولة حسن يوسف وقد حقق المسلسل نجاحاً باهرا أثناء عرضه   يحمل أسم " إمام الدعاة " 

الشيخ محمد متولي الشعراوي واحد من كبار المفسرين وصاحب أول تفسر شفوي كامل للقرآن الكريم وأول من قدم علم الرازي والطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم سهلاً  ميسوراً تتسابق الى سماعه العلماء قبل العوام والعوام قبل العلماء فرحم الله الشيخ الشعراوي وعوض الأمة الإسلامية بخير منه . 

جزاكم الله عنا كل خير 






تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-