أخر الاخبار

داشرات مانجي / الرجل الذي حطم الجبل من أجل حبيبته /

داشراث مانجي 

Dashrath Manjhi




 

 مقدمة الكاتب 

الحب يصنع المعجزات ومن رحم المعاناة يولد الأمل هي جمل تعد الأنسب لوصف قصة بطلنا اليوم "داشرات مانجي "

رجل الجبل الذي حطم جبل بمفرده ، بعد أن خطف منه حب حياته وتوئم زوجته  . حيث تمكن هذا العامل الهندي البسيط من خلال ضربات فأسه أن يصنع طريق بطول (110 متر ) ويحفر أسمه في التاريخ بين العظماء لدرجة أن تتحول قصة حياته الى فيلم هندي من أفلام بوليود سنتعرف معاً على هذا العاشق وكيف استطاع بمفرده تحطيم جبل حقيقي .


من هو داشرات مانجي Dashrath Manjhi .

"داشرات مانجي " مواطن  هندي  من مواليد 1934 في قرية قريبة في ولاية ( جايا) في ولاية " بيهار" شرقي الهند ، كان يعمل فلاح في قريته .

ولد وعاش حياته في ظروف مادية بسيطة إلا أنه ضرب مثالاً في الحب والإخلاص والوفاء .بدأت قصته في قريته النائية في ولاية ( جايا) حيث يعيش داشرت برفقة زوجته "فالغوني ديفي " داخل كوخ صغير للغاية ، حيث أنهم لم يملكوا المال أو الثروة ، بل كان إمتلاكهم الوحيد هو الحب الصادق الذي منح كُلٍ منهما الأخر .

كانت الثروة التي يمتلكها الزوجان بالكاد أن تذكر فهي  عبارة عن أربع خِراف وفأسٍ يغطيه الصدأ ، وفي عز ماهم فيه من فقر كان أحدهما يغني الأخر عن كنوز الدنيا ، لكن الأمور لم تسر  على خير ما يرام .

كان المنجم الذي يعمل فيه "مانجي" يقع عند منحدرات جبلية مرتفعة وكانت ذوجته معتادة على الذهاب اليه برفقتها الطعام له ؛ وفي إحدى الأيام وهي عائدة الى منزلهم الصغير أنزلقت قدميها من على تلك المنحدرات العالية فوقعت من فورها وبدأت تنزف دماً ؛ وكان مجموعة من أهل القرية يمرون بجانبها بالصدفة فحملوها وأخذوها الى بيتها .

وما إن وصل الخبر الى " مانجي " سار بأقصى سرعته مسابقاً الريح للوصول الى المنزل ؛ عند وصوله للبيت ذُهل مما رأى فقد كان النزيف لا يتوقف وقد كانت تنزف بشدة ؛ ربما تتسائل أيها القارء الكريم لماذا لم يأخذها أهل القرية الى المشفى بختصار إن أقرب مشفى كانت تبعد حوالي( 74 كم /43 ميل) تقع في بلدة "جاهلور "ولن تستطيع أن تصل سيارة الإسعاف الوصول في الوقت اللازم .

رحلت الزوجة عن الحياة متأثرة بالجروح التي أصابتها والنزيف الحاد إثر سقوطها من أعلى المنحدرات .


لم ترحل الزوجة وحدها بل أخذت شيئاً من روح زوجها العاشق ؛ حيث أعلن الحداد عليها ، لا يخرج من منزله ولا يأكل ولا يشرب الى أن لمعت فكرة في مخيلته رأها الكثير من الناس أنها بدافع الأنتقام أو لربما شيء من الجنون  ، إلا أن "مانجي "  رأى هذه الطريقة لتكريم زوجته فقرر أن يخلد أسمها في التاريخ .

بعد أن اعتاد الناس عليه معلناً الحداد على زوجته في المنزل تفاجئ الناس أن " مانجي " قد خرج ويحمل في يده فأسه ،  ووجه مليء بالحزن والأسى على زوجته وحبيبته التي كانت تعتبر كل شيء بالنسبة له ؛ وعندما ما سأله أهل القرية الى أين أنت ذاهب يا "مانجي " أجابهم : (ذاهبٌ لإزالة من قتل زوجتي ) وتابع طريقه نحو الجبل الذي كان السبب في موت زوجته .


مانجي يحطم الجبل بفأسه فقط...



قرر " مانجي " تحطيم وشق ذلك الجبل الذي يجعل المسافة بين المشفى والقرية (74 كم) وفي حال تمت إزالته بشكل كامل تكون المسافة أقل من (15 كم) .

بدأ بشق الجبل ، نعم هذا حقيقي وليس من الأساطير ، ربما يخطر ببالك أنه مجنون أو فيه مرضٌ ما أو فقد عقله بعد وفاة زوجته ؟ أنه ليس كذلك فهو في كامل قواه العقلية والجسيدية .


سخر منه بعض أهل القرية وحاول البعض الأخر أن يواسيه ، وبعد أكثر من 22 عام(1960 الى 1982)  متواصلة من التكسير في الصخور ، يذهب كل يوم الى ذلك  الجبل ويبدأ يضرب في الصخور كما لو أنه يقتص من الرجل الذي قتل حبيبته .

في عام 1982 كان "مانجي" على موعد مع التاريخ الذي سيكتب أخر ضربة سيضربها في الجبل لينهي حياة قاتل زوجته بعد مايقارب 22 عام من الحفر والتكسير المتواصل بإرادته الصلبة وشعوره بالإنتقام من قاتل زوجته .




أنتهى "مانجي " من شق النفق الذي كان يمتد طوله قرابة 110 متر وبعرض 9 أمتار  وارتفاع 7 أمتار ، أفنى " ماني " مايزيد عن عشرين عاماً بإرادة تتحطم أمامها الجبال وعزيمة أقوى من الحديد ، حيث قامت الولاية بتكريم "داشرات مانجي " ومنحه قطعة من الأرض بمساحة ( 10
فدان) هذه المساحة الكبيرة التي لم يدري ما يفعل وأقد مضى من عمره ما مضى فتبرع بها لصالح بناء مشفى داخل قريته والتي سميت في ما بعد (مشفى داشرت مانجي ) لم يكن هدف " مانجي " هو الحصول على التكريم بعد انجاز هذا النوع من الأعمال الشاقة ، بل كان جلَّ اهتمامه أن تحصل زوجته على التكريم ومساعدة الناس التي تحتاج الى المساعدة عند الوقوع في نفس المأزق الذي حصل مع زوجته .


وفاة "داشرات مانجي Dashrath Manjhi" 

إعلان من فيلم ( رجل الجبل Manjhi: The Mountain Man.) 


إن أكثر تكريم كان " مانجي " يتمنى الحصول عليه هو أن يلحق بحبيته ومعشوقته الأولى و النصف الغائب وتوئم روحه .

وهو ما حدث في السابع عشر من أغسطس  عام 2007 عند ما  توفي ولحق بزوجته بين ما بقي ذكراه خالداً الى يومنا هذا وبفضل إصرار وعزيمة "مانجي " وفأسه أستطاع أن يغير حياة أهل القرية بأكملها فقد تيسرت الطرق المؤدية منها وإليها من القرى والمدن حولها ، كما وازداد عدد الأطفال الذين التحقو بالمدرسة بالإضافة الى فرص العمل التي توفرت لشباب القرية .

قصة مانجي إثبات على أن الحب يصنع المعجزات وتعد من أكثر القصص الملهمة في العالم وهو ما جعل (بوليود / Bollywood ) تنتج فيلماً عن قصة "داشرات مانجي " في عام 2010 تحت عنوان ( مانجي رجل الجبل Manjhi: The Mountain Man. ) وعلى الرغم من براعة الأنتاج و قوة السيناريو والتصوير إلا أنه لم يستطع أن يصور حجم المعاناة الحقيقة التي مر بها "داشرت مانجي " ذلك العاشق ذو القلب المخلص .




أقامت حكومة بيهار جنازة رسمية له تخليداً لعمله وإخلاصه لزوجته التي يموت الكثير من أمثالها حول العالم بسبب قلة المشافي وعدم توفر الخدمات اللازمة من أجل إنقاذهم .


رحل مانجي لكنه لم يفقد الأمل يوماً طوال 22 عاماً قضاها في حفر ذلك الجبل لينهي معاناة أهل القرية في الحصول على مشفى ، رحل مانجي وأنهى حياة الجبل الذي لربما فقد الكثير من الأشخاص حياتهم بسببه لكنه وضع حداً  كي لا يتذوق أي شخص أخر مرارة فقد شخص يحبه بسبب المسافات الطويلة ، رحل مانجي ولكن بقيت  ذكراه محفورة في عقول وقلوب الكثير من الأشخاص حول العالم لتقول لهم المعجزات لم تنتهي بعد .


جزاكم  الله  عنا  كل  خير  ......

                                                                 بقلم بلال


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-